تنظر الفدرالية الدولية للحقوق والتنمية (إفرد) بقلق بالغ لتصعيد سياسة سجن الصحفيين وملاحقتهم في الجزائر بسبب عملهم المهني في انتهاك صارخ للحق في حرية التعبير المكفول بموجب الاتفاقيات والمواثيق الدولية.
تبرز الفدرالية الدولية أن السلطات الجزائرية صعدت من التضييق والاستهداف للصحفيين عقب إجراء لتعديل في قانون العقوبات في البلاد العام الماضي، يجرّم الآن نشر “الأخبار الكاذبة” التي “تمس بالنظام العام” بالسجن من سنة إلى ثلاث سنوات.
وتابعت الفدرالية الدولية طلب النيابة العامة الجزائرية إنزال عقوبة بالسجن ثلاث سنوات مع النفاذ بحق الصحفي رابح كراش، المحتجز منذ نحو ثلاثة أشهر في سجن تمنراست (جنوب) بتهمة نشر “أخبار كاذبة”.
ومن المقرر أن تصدر المحكمة حكمها في قضية الصحفي كراش في 12 آب/أغسطس الجاري، علما أنه يعمل مراسلا لصحيفة “ليبرتي” الفرنكوفونية في تمنراست وقد اتهم بـ”نشر أخبار كاذبة من شأنها المساس بالأمن والنظام العموميين” بعدما نشر تقريراً حول احتجاج للطوارق.
وتم اعتقال الصحفي كراش في 19 نيسان/أبريل، بعدما نشر تقريراً حول احتجاج للطوارق تنديداً بـ”مصادرة أراضيهم لصالح” ولايتي جانت وإليزي اللتين أنشئتا حديثاً في ظل تقسيم إداري جديد.
وأوردت صحيفة “ليبرتي” أن كراش متهم بـ”إنشاء وإدارة حساب إلكتروني مخصص لنشر معلومات وأخبار من شأنها إثارة التمييز والكراهية في المجتمع” و”الترويج العمدي لأخبار وأنباء كاذبة أو مغرضة بين الجمهور” و”العمل بأي وسيلة كانت على المساس بسلامة وحدة الوطن”.
تطالب الفدرالية الدولية بإسقاط كل التهم الموجهة إلى الصحفي كراش والإفراج غير المشروط عنه لاسيما أنه محتجز بشكل تعسفي ولم يقم سوى بما يمليه عليه الواجب الإعلامي.
إن اعتقال الصحفي كراش وعقابه بالسجن يبرز مجددا حدة تدهور الحريات في الجزائر والحاجة لإقرار تعديلات على دستور البلاد تضع حدا حاسما لأي قيود على حرية الرأي والتعبير.
بهذا الصدد هناك حاجة ماسة لتعديل المادة 54 من الدستور الجزائري الذي يكفل في المادة 54 في ظاهره حرية الصحافة المكتوبة والسمعية والبصرية وعلى وسائل التواصل الاجتماعي، بينما تقيد في الجوهر “الحـــق في نشـــر الأخبار والأفكار والصور والآراء في إطار القانون، واحترام ثوابت الأمة وقيمها الدينية والأخلاقية والثقافية”.
وتحتل الجزائر في المرتبة 146 (من أصل 180 بلداً) على جدول التصنيف العالمي لحرية الصحافة الذي نشرته مراسلون بلا حدود للعام 2021 وقد تراجعت 27 مرتبة في نفس التصنيف منذ عام 2015.
وتؤكد الفدرالية الدولية للحقوق والتنمية (إفرد) أن على السلطات الجزائرية الوفاء بوعودها بالتغيير السياسي والوفاء بالتزاماتها بشأن ضمان حرية الرأي والتعبير وفي مقدمة ذلك وقف التضييق على حرية العمل الإعلامي والحق في الحصول على المعلومات وإنهاء سياسة تكميم الأفواه باعتبار ذلك من الحقوق المكفولة في القوانين الدولية بما فيها “العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية” الذي تعد الجزائر طرفا موقعا عليه.