“حينما أصبحنا جميعًا مواطنين صالحين” تسيس الأزمات الصحية في فلسطين

نورا طه

“استمعوا إلى الحكومة وابقوا في المنزل” ، هذا ما كان يقوله معظمنا لبعضنا البعض حينما أصبحنا جميعًا “مواطنين صالحين” ؛ نشيد بإجراءات الحكومية وخططها التي تهتم في سلامتنا وصحتنا.

تتجلى السياسة في الحياة اليومية، ومنذ تفشي جائحة COVID 19 ، تم الكشف عن أنماط سياسية جديدة أو معاد تشكيلها باسم سلامتنا وصحتنا، مثل استخدام سياسية المراقبة الجماعية، أو سياسة التهميش والتصنيف. في السياق الفلسطيني، القضية ليست مختلفة.

في الخامس من آذار 2020، أعلن الرئيس الفلسطيني محمود عباس حالة الطوارئ من خلال قرار بقانون رقم 1 لسنة 2020 بإعلان حالة الطوارئ  لمدة 30 يوماً استناداً إلى المادة (110)  من القانون الأساسي الفلسطيني المعدل لعام 2003؛ وبهذا تصبح  المرة الأولى التي تعلين فيها حالة الطوارئ في فلسطين على أساس تصنيف “كارثة طبيعية”.

وقد أعاد الإعلان، الذي وضع قيودا على الحركة وأعطى الحكومة حق المراقبة باسم الحفاظ “النظام العام”، عملية التشريع الفلسطينية مجدداً إلى دائرة الضوء. الإعلان ذاته في هذه المرحلة لم يكن هو المشكلة، بل عملية التجديد التي بحاجة إلى موافقة المجلس التشريع الفلسطيني، ذات المجلس الذي تم تعطيله منذ عام٢٠٠٧  .

ومع ذلك وبعد مرور 30 يومًا، جددت الحكومة حالة الطوارئ مرة أخرى. وفقًا للقانون الأساسي ، يمكن تجديد حالة الطوارئ لمدة 30 يومًا أخرى بموافقة أغلبية ثلثي المجلس التشريعي الفلسطيني، وهو أمر لا يمكن تحقيقه لأن الرئيس يمتلك السلطة التشريعية منذ حل المجلس التشريعي.

في الخامس من أيار، تساءل الجميع كيف ستتصرف السلطة الفلسطينية بعد انتهاء فترة الستين يومًا. وجدت السلطة الفلسطينية ثغرة قانونية، موضحة إياها في بيان صحفي وطني أنها قامت بتجديد حالة الطوارئ مرة أخرى  ولم تمددها.

عقب ذلك، انفجرت مواقع التواصل الاجتماعي تنديدا وخوفاً من نتائج هذا القرار، واصفة إياه على أنه انتهاك كبير وواضح للقانون الأساسي في فلسطين.

بالإضافة إلى ذلك، اعتبرت هذه الخطوة غير ضرورية لأنها أعقبتها مجموعة من الإجراءات التي تقلل من القيود المفروضة وتسمح بعودة بطيئة للحياة اليومية. وبناء على ذلك، فقد يتساءل المرء لماذا لم تستخدم السلطة الفلسطينية المادة (14) من قانون الصحة العامة التي تنص على ما يلي: “بقرار وزاري ، يحق للوزارة أن تعلن الحجر الصحي في فلسطين لوقف انتشار الوباء”. دون الاضطرار لإعلان حالة الطوارئ بشكل غير دستوري.

وبما أن فلسطين عضو في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية ، فقد أبلغت بعثة المراقبة الدائمة لدولة فلسطين لدى الأمم المتحدة الأمين العام للأمم المتحدة بإعلان حالة الطوارئ في جميع أنحاء أراضي دولة فلسطين. موضحا أن هذه الخطوة اتخذت “لحماية والحفاظ على صحة مواطني دولة فلسطين” ، ومع ذلك ، فإن لغة قرارات حالة الطوارئ لم تكن واضحة ، جملة صغيرة مثل “حماية النظام العام”   قد تشير إلى الذهاب إلى منطقة مجهولة. 

 صعود حدة الخطاب الأمني وما يترتب عليه

كان الآلاف من الناس ينتظرون كل يوم موجز حكومي لإطلاعهم على حالة الفيروس. بشخصية مبهجة من ممثل الحكومة إبراهيم ملحم ودور قيادي من قبل رئيس الوزراء محمد اشتية، وجد الجمهور لأول مرة منذ فترة طويلة: شخصية عامة تستحق الثناء.

في كل موجز، كان هناك إشادة في خطابهما للدور ”غير العادي” لقوات الأمن الفلسطينية وشكر على كل ما تبذله من جهود رامية ، أخذ بها الأمن “شرعية” جديدة. 

لاحقا أماطت القوات الفلسطينية اللثام عن دورها، فبعد ساعات قليلة فقط من إعلان حالة الطوارئ، تم اعتقال حسام خضر بناءً على منشور على وسائل التواصل الاجتماعي ينتقد الرئيس محمود عباس، وهي قضية وثقتها منظمة العفو الدولية. بينما كان هناك نمط من انتهاكات حقوق الإنسان فيما يتعلق بالاعتقال التعسفي للنشطاء والصحفيين، فإن حالة الطوارئ أكدت على هذه الأنماط بأدوات جديدة ووفرت لها شرعية جديدة.

انطلاقا من هذه الشرعنة، أصبحت الأمور تتضح أكثر فأكثر، خصوصا عندما هاجمت قوات الأمن الفلسطينية مع قوات الشرطة الخاصة أصحاب بسطات ودمرت ممتلكاتهم في الخليل وسط الأزمة الاقتصادية. وفقا  للهيئة المستقلة لحقوق الانسان فإن هذه الحادثة قد تصاعدت باستخدام القوة بسرعة على نقيض اللوائح التي تنظم استخدام القوة من قبل قوى الأمن، ودون إعطاء أي إشعار للبائعين المتجولين لإزالة ممتلكاتهم. انتهت الحادثة في حملة اعتقالات شملت إحدى عشر مواطن. 

وبحسب محامون من أجل العدالة، فإن معدل الاعتقال التعسفي قد ارتفع وسط تفشي الفيروس ، كان آخرها اعتقال الصحفي أنس حواري ، الذي اعتقل على حاجز فلسطيني وتعرض للاعتداء من قبل قوات الأمن الفلسطينية. 

ومع ذلك ، فإن الهجمات لم تقتصر فقط على الصحفيين والنشطاء، بل وصلت إلى اشتباكات مع القضاة ففي 13  مايو، اعتدت قوات الأمن على ثلاث قاضيات في طريقهن إلى العمل وهددتهن بالأسلحة. لم يقتصر الأمر على القضاة الثلاثة فقط، بل امتدت أثار هذا الحادث إلى داخل أروقة السلطة القضائية وأدى إلى تعليق القضاة لعملهم تضامنا مع زميلاتهم.

أثناء حالة الطوارئ عادة ما يُسمح بتعليق حقوق معينة، ومع ذلك فهي ليست مُصادرة مطلقة، بل يجب أن يتمتع الناس بحقوقهم الأساسية في حدود ما، وإذا حدث أي تعليق لهذه الحقوق؛ فإنه يجب أن يكون متناسبا مع الحدث وضروريا. 

تثير هذه الأحداث أسئلة جادة حول الغرض الحقيقي من إعلان حالة الطوارئ، وهي حالة غير دستورية تسمح بمزيد من مركزية السلطة في يد الرئيس وتسمح بتعليق حقوق العامة. يجب أن نبقى على تسؤال فيما إذا كانت تصرفات الحكومة الفلسطينية تركز حقا على سلامة الأشخاص، أم أنه قد تم تسييس حالة الطوارئ واستخدامها  لتبرير بناء “دولة بوليسية” جديدة، حيث لا يسمح لأحد بانتقاد أي شيء. 

نورا طه محامية في مجال حقوق الإنسان وباحثة قانونية. تعمل في مواضيع تتعلق بحقوق الإنسان والدستورية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، نورا طه هي باحثة قانونية ، وعضوة كرسي الشيخ حمد للقانون الدولي والدستوري
تحمل نورا ليسانس الحقوق في جامعة بيرزيت، وماجستير في حقوق الإنسان والديمقراطية ، جامعة كا فوسكاري البندقية- ايطاليا.

الفدرالية الدولية للحقوق والتنمية (IFRD) تدين بشدة القانون الجديد للكنيست الذي يحظر التواصل بين الكيانات الإسرائيلية ووكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا): تهديد جسيم للسلام والاستقرار الدوليين
الفدرالية الدولية تبحث في البرلمان الأوروبي مواجهة انتهاكات حقوق الإنسان في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا
تعاون بين افرد وعضوة البرلمان الأوروبي هناء جلول للعمل على انتهاكات حقوق الإنسان في فلسطين والمنطقة العربية
استكمالاً للاجتماعات السابقة: إفرد ونائب رئيس البرلمان الأوروبي يضعون خطة عمل نصف سنوية
IFRD وعضوة البرلمان الأوروبي هناء جلول تبحثان انتهاكات حقوق الإنسان في فلسطين والمنطقة العربية
نشطاء حقوق الإنسان يطالبون بالتحرك أمام سفارة الإمارات في بروكسل
إفرد تبحث مع مسئولين بلجيكيين ميزانية التنمية في دول المنطقة العربية
الفدرالية الدولية للحقوق والتنمية (IFRD) تدين بشدة القانون الجديد للكنيست الذي يحظر التواصل بين الكيانات الإسرائيلية ووكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا): تهديد جسيم للسلام والاستقرار الدوليين
الفدرالية الدولية تبحث في البرلمان الأوروبي مواجهة انتهاكات حقوق الإنسان في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا
تعاون بين افرد وعضوة البرلمان الأوروبي هناء جلول للعمل على انتهاكات حقوق الإنسان في فلسطين والمنطقة العربية
استكمالاً للاجتماعات السابقة: إفرد ونائب رئيس البرلمان الأوروبي يضعون خطة عمل نصف سنوية
IFRD وعضوة البرلمان الأوروبي هناء جلول تبحثان انتهاكات حقوق الإنسان في فلسطين والمنطقة العربية
نشطاء حقوق الإنسان يطالبون بالتحرك أمام سفارة الإمارات في بروكسل
إفرد تبحث مع مسئولين بلجيكيين ميزانية التنمية في دول المنطقة العربية

أهم الوسوم

أهم التصنيفات

المقالات حسب التقويم

نوفمبر 2024
س د ن ث أرب خ ج
 1
2345678
9101112131415
16171819202122
23242526272829
30