روما- تنظر الفدرالية الدولية للحقوق والتنمية (إفرد) بخطورة بالغة لتصعيد السلطات في الجزائر قمع الحريات العامة واستهداف الصحافيين والمدونين على خلفيات آرائهم العلنية سعيا لتعزيز القبضة الأمنية بما يشكل انتهاكا صريحا للقانون الدولي والاتفاقيات ذات الصلة.
وتدين الفدرالية الدولية بأشد العبارات الحكم على الناشط صهيب دباغي “بالسجن سنة نافذة بمحكمة الشراقة (بالجزائر العاصمة) بتهم التحريض على التجمهر وإهانة هيئة نظامية والمساس بمصلحة الوطن من خلال منشورات على فيسبوك”. وكان تم توقيف ومحاكمة صهيب دباغي في اليوم نفسه، بموجب إجراء المثول الفوري، وهو إجراء قضائي استعجالي يلغي مرحلة التحقيق.
بالتزامن مع ذلك قضت محكمة لبيض سيدس الشيخ (670 كلم جنوب غرب الجزائر) بالسجن على الناشطين “العربي طاهر” و”محمـد يوسف بوضياف” لمدة 18 شهرا.
كما طلبت النيابة العامة الأربعاء الماضي السجن لمدة تسع سنوات ضد الناشط هشام صحراوي المحبوس منذ 24 شباط/فبراير، بعد محاكمته في محكمة عين تيموشنت في غرب البلاد، بتهم منها “إهانة رئيس الجمهورية”. وينتظر ان يصدر الحكم في 27 أيار/مايو الجاري.
وتمت ملاحقة عدد من النشطاء على خلفية منشوراتهم على مواقع التواصل الاجتماعي منذ بداية الحراك الاحتجاجي في 22 شباط/فبراير 2019.
ولم تتوقف هذه الملاحقات ضد معارضين وصحافيين ووسائل إعلام، حتى بعد تعليق الحراك كل نشاطاته منتصف آذار/مارس بعد فرض إجراءات الحجر الصحي ومنع التجمعات السياسية والثقافية والرياضية والدينية.
وتشير الفدرالية الدولية إلى أن هذه الأحكام على خلفية الرأي صدرت بعد حملة حكومية طاولت المواقع الإخبارية التي تم تعطيل وحجب عدد منها، بسبب خطها التحريري ومعارضتها قرارات وتوجهات السلطة، ودعمها مطالب الحراك الشعبي.
وقبل أيام حجبت السلطات الجزائرية موقع “لافان غارد ألجيري” الإخباري ضمن سياسة تكميم الأصوات والتعسف ضد حرية الصحافة.
وقبل ذلك بيوم واحد، أعلن موقع “المنشار”، وهو موقع ساخر ويعتمد على السخرية العابثة في توصيف الأحداث، توقفه بعد خمس سنوات من العمل، بسبب الضغوط التي تمارسها السلطة ضد المواقع المستقلة.
ولحق موقع “لوماتان” (الصباح) بجملة المواقع المحظورة، إذ أعلنت إدارة الموقع أنّه تم حظر الوصول إليه في الجزائر لعدة أيام بسبب الرقابة، وعزته إلى مواقف الموقع ومعالجاته الإعلامية، وإلى رفضه دعم خيارات السلطة.
وسبق قرارات الحجب هذه إقدام السلطات على حجب موقع “كل شيء عن الجزائر” لعدة مرات، وألحقت به موقع “مغرب ايميرجون” و”راديو أم”.
وقالت السلطات إن ذلك تم بسبب الحصول على تمويل أجنبي، و”تهجُّم” مدير الموقع والراديو قاضي إحسان، على رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون. وقامت لاحقاً بحجب موقع “إنترلين” لنفس السبب، رغم زعم وزير الاتصال، عمار بلحيمر، أنّ الموقع الأخير “أخفى نفسه” ولم تتخذ السلطات قرار حجب بحقه.
تؤكد الفدرالية الدولية أن الاعتقال التعسفي لصحافيين ومدونين ومحاكمتهم من دون سند قانوني إضافة إلى حجب المواقع الإعلامية يمثل انتهاكا للقانون الدولي لحقوق الإنسان، والحق في حرية التعبير.
وتطالب السلطات الجزائرية بإنهاء المحاكمات التعسفية التي تهدف إلى إسكات نشطاء وصحفي الحراك وإطلاق سراح معتقلي الرأي في البلاد فورا سيما بالنظر إلى مخاطر تفشي فيروس كورونا في السجون وأماكن الاحتجاز.
وتشدد على أن هذه الممارسات القمعية تمثل تراجعا للوعود والالتزامات التي قدمها الرئيس عبد المجيد تبون بشأن حرية الصحافة فضلا عن أنها تثير مخاوف من رغبة حكومية مبيتة بالانتقام من الصحافيين على خلفية عملهم المهني.